هيئة مكافحة الفساد- هل هي ضرورة أم عبء على الدولة؟

المؤلف: عبده خال08.09.2025
هيئة مكافحة الفساد- هل هي ضرورة أم عبء على الدولة؟

تزدان جوانب الطرقات بيافطات تحمل عبارات مبهمة، تدفعك للتساؤل عن ماهيتها، هل هي توجيهات إرشادية، حملات توعية، أم تحذيرات صارخة تعلن أن الفساد هو المعوق الأساسي للتنمية والازدهار؟

بغض النظر عن الهدف الكامن وراء هذه اللافتات، فإن الواقع المرير يشير بوضوح إلى تفشي الفساد، مما يستلزم التصدي له بكل حزم وقوة، باستخدام كافة الأدوات الرقابية المتوفرة داخل كل وزارة ومؤسسة، دون الحاجة إلى رقابة خارجية.

عندما بزغت هيئة مكافحة الفساد، اعتقدنا بأنها ستقوم بدور محوري في استئصال الفساد من جذوره، وكنا نتوقع أن تكشف النقاب عن مختلف أشكال الفساد الإداري والاقتصادي والتنموي، كونها جهة مستقلة مدعومة بسلطة سياسية نافذة تمنحها القدرة على تجاوز أي تقاعس أو تردد، وتفويضها بصلاحيات واسعة تتجاوز صلاحيات الوزراء، لتصبح مرجعاً علوياً في عملها، وتمتلك القوة التنفيذية اللازمة لوقف أي ممارسات فاسدة.

ولكن، منذ نشأتها، لاحظنا تراجعاً ملحوظاً في خطواتها الاستباقية لمكافحة الفساد، واتباعها لنهج التعتيم والتضليل، مما يدعو إلى خيبة الأمل وتبديد التوقعات المعلقة عليها.

وحجة هيئة مكافحة الفساد في عدم نشر تقريرها السنوي، هو ما تم الإعلان عنه مؤخراً، من أن "بعض القضايا قيد التحقيق لدى الجهات القضائية تتطلب السرية التامة، كما هو متبع في الجهات الحكومية الأخرى، حفاظاً على خصوصية القضية إلى حين إثبات الإدانة بحكم قضائي بات".

هذا يعني أن جميع القضايا التي يتم التحقيق فيها ستدخل إلى أروقة المحاكم المظلمة، ولن تخرج منها إلا بعد سنوات طويلة، ويبقى الحكم القضائي هو الفيصل، مما يثير التساؤل عن جدوى وجود هذه الهيئة بفروعها المتعددة وميزانيتها الضخمة التي تثقل كاهل الدولة، في حين أنها تؤدي دوراً ثانوياً يمكن لأي وزارة أو مؤسسة القيام به، دون الحاجة إلى تحمل هذه التكاليف الباهظة... ومن منطلق ترشيد الإنفاق، يصبح وجود الهيئة عبئاً لا طائل منه، وكما يقول عامة الناس: "جاءت وبالاً علينا".

لسنا بحاجة إلى تلك العبارات الجوفاء التي ترددها الهيئة، مثل: "مكافحة الفساد مسؤوليتنا جميعاً". فهي مجرد كلمات يمكن التلفظ بها بالمجان، دون أن تكلف الدولة ملايين الريالات في إنشاء هيكلة إدارية ورقابية بميزانية سنوية تصل إلى مئات الملايين.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة